(¯`·._.·( رحيق الايمـــان )·._.·´¯)
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


عن الامام علي بن أبي طالب عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله سلم البخيل من ُذكرت عنده فلم يصل علي رواه الترمذي وقال : حديث حسن صحيح
 
الرئيسية~~ عالم مختلف ~أحدث الصورالتسجيلدخول

 

 شروط المنبر الحسيني وآدابه

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
نسيمه غالب
مــراسلة اخبــــــــار
مــراسلة اخبــــــــار
نسيمه غالب


MMS : قلب بنت
انثى
عدد المساهمات : 190
تاريخ التسجيل : 02/09/2010
العمر : 43

شروط المنبر الحسيني وآدابه  Empty
مُساهمةموضوع: شروط المنبر الحسيني وآدابه    شروط المنبر الحسيني وآدابه  Icon_minitimeالخميس نوفمبر 18, 2010 2:44 am

شروط المنبر الحسيني وآدابه *
إن تعاليم أهل البيت (ع) لا تنحصر بعلم دون علم، وفضائلهم لا تختص بالكمال في جهة دون جهة، ومبادئهم ليست لزمان دون زمان، إنهم القرآن الناطق الذي فيه تبيان كل شيء.
ومن تعاليم العترة المطهّرة (ع) ووصاياهم المقدسة أن يداوم أتباعهم على ذكر مناقبهم ونشر فضائلهم لتنتشر وتعم المجتمعات كي تتمسك الأمة بحبل مودتهم وموالاتهم وتسير على خطاهم ونهجهم فتعمل عملهم، وتوالي من يوالون وتعادي من يعادون، وهم يوالون الخير كل الخير، ويعادون الشر كل الشر.
ولما كانت المجالس الحسينية إحدى أهم الوسائل لنشر علوم ومواعظ أهل البيت النبوي (ع)، فقد اهتم العلماء بتلك المجالس وما يُذكر فيها، فألّفوا الكتب لذكر فوائدها، وتعداد آدابها وشروطها، ومحاولة تنقيتها مما علق بها من أفكار وأساليب دخيلة لا تمت إلى مدرسة التشيّع.
ومن هؤلاء العلماء يأتي المحدّث العلاّمة الشيخ حسين النوري الطبرسي **(1254-1330هـ) صاحب كتاب «اللؤلؤ والمرجان في آداب أهل المنبر» ونظراً لأهمية هذا الكتاب، وما حواه، فإننا سنحاول نقل أهم الأفكار الواردة فيه، ومن يريد الاستزادة يستطيع أن يراجع ذلك الكتاب، أو ما يشابهه من كتب أخرى.
سبب تأليف الكتاب
يُرجع المحدّث النوري سبب تأليفه لهذا الكتاب إلى طلب أحد علماء الهند الكبار ذلك بقوله:
قد شكا - ذلك العالم - مراراً من إقبال بعض قراء العزاء وأهل المنبر على تحرّي المبالغة ونشر الأكاذيب والروايات المجعولة دون خوف أو ورع بل أن بعض هؤلاء يزعم جواز ذلك وإباحته إذ أن الغاية منه إبكاء المؤمنين على الإمام الحسين وهذا ما يخرجه، بنظرهم، من دائرة القبح والحرمة وقد طلب منّي أن أكتب شيئاً حول ذلك من باب الموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن عسى أن ينتبه هؤلاء الغافلون ويرتدعوا عن ارتكاب هذه القبائح.
ويتابع العلاّمة النوري قائلاً: ويظهر أن جنابه العالي يظن أن الطائفة الشيعية التي تقطن في بلاد العتبات المقدسة في إيران في راحة وفراغ بال من هذه الورطة وأنها لم تُلوّث بهذه الأكاذيب والافتراءات بعد، وأن الخلل الديني لا يزال منحصراً في بعض البلاد النائية ولم يُنشر في أنحاء بلاد الشيعة غافلاً عن أن هذا التلوث الهدّام قد انتشر من منبعه في كل صوب وناحية.
... وبما أنني كنت منشغلاً بكتابة «المستدرك» لم تتيسر لي الاستجابة لطلبه في ذلك الوقت إلى أن تمكنت في هذه الأيام، بحمد الله تعالى، من التفرغ لهذه الخدمة، فكتبت كتاب مختصراً، حسبما طُلب، في كيفية سلوك هذه الجماعة وسميته «اللؤلؤ والمرجان»
الفصل الأولّ
في الإخلاص:
لا يخفى على العالم البصير أن إبكاء المؤمنين على الحسين ولما لحق بآل محمد (ع) من مآسي ومصائب أمرٌ عبادي ومستحب مؤكد، كالبكاء عليه (ع) دون فرق...
[وعلى الجميع] أن لا يغفلوا ولا يغيب عن أذهانهم أن هذه العبادة كغيرها من العبادات لا تكون مقبولة إلا إذا كان الداعي إليها نيل رضى الله وإدخال السرور على قلب الرسول (ص) وآله (ع)... وما قدمناه من لزوم الإخلاص في الداعي إلى هذا العمل المقدس يُعد بمثابة الدرجة الأولى من درجات المنبر الحسيني الذي يجب على من يريد أن يعتليه أن ينسى حينما يضع رجله على الدرجة الأولى من درجاته كل ما سوى الذات المقدسة الأحدية...
أما إذا صعد المنبر وهو يريد التقرّب من المخلوقين ونيل رضاهم أو الحصول على شيء من أموالهم ثم قرأ العزاء بهذا الداعي ولهذا الهدف فإن الشيطان سيدفعه ليقع عن ذلك المنبر إلى حفرة الهوى والنفس وينـزلق إلى هاوية الدنيا القذرة.
تنبيه: أخذ الأجرة على القراءة
ثم أن قرّاء العزاء سيُسألون عن دليل جواز هذا النوع من التجارة ومدرك حليه ما يقبضونه كعوض عما يقرأونه وسيتحملون وزر كل من سار بعدهم على هذا المنهج وعمل بهذه السُنّة كما أنهم سيُسألون عن السبب الذي دعاهم إلى تصوير ما يقدمون به على أنه مستحب ونسبته إلى الشارع... وكيفما كان فإن قارئ العزاء إذا كان متديناً ويحرص على أن يعتاش بمال حلال فليس عليه إلا الرجوع إلى ذلك العالم الذي يقول بحلية أخذ الأجرة على الآذان كما أشرنا، لتقليده في المسألة فربما يخرج بذلك عن عهدة أكل المال الحرام وإن كان سيحرم نفسه من كثير من النعم الأخروية والألطاف الإلهية.
الفصل الثاني
المقام الأوّل: في مدح الصدق
إعلم أن صفة الصدق وسيرة القول الحق من أفضل الكمالات الإنسانية التي تتفق عقلاء كل الأمم على حسنها وقبح تركها...
المقام الثاني: في ذمّ الكذب
قال تعالى: «إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون» [النمل :105].
ولو لم يكن في قبح الكذب غير هذه الآية لكفى ولكانت وافية بالمقصود.
...يقول مؤلف هذا الكتاب لقد ذكر لبيان أسوئية الكذب من الخمر وجوه... وهي:
أولاً: إن مفاسد الكذب أكبر من مفاسد شرب الخمر، بالكذب تُراق الدماء وتنتهك الأعراض وتُهدر الأموال...
ثانياً: كثيراً ما يتعلّق الكذب بحقوق الناس فيتسبب بالأذى في أرواحهم وأعراضهم وأموالهم بينما الخمر لا يتعلق إلا بحق الله لذلك يكون أقرب إلى عفوه وغفرانه من الكذب الذي يتعلق بالحقين معاً.
ثالثاً: إن الكذب يضر بأهل الإيمان ويهدم بنيانه وقد جاء في الكافي عن الإمام الباقر (ع) أنه قال: «الكذب خراب الإيمان».
رابعاً: إن الكذب يسبب اختلال نظام الحياة وفساد أمور عامة الناس حتى شارب الخمر لأن علاقات بني البشر تتداخل فيما بينها في مجال الشهادات والرسائل والمعاملات والوكالات والإقرار وغير ذلك فيحتاج بعضهم إلى بعض ولا يمكن لهم الاعتماد على الكاذب في إخباره فيما يحكي من أخباره وأخبار الآخرين مما يعرقل مسار أمورهم ويخل نظام عيشهم.
خامساً: إن شارب الخمر إذا تاب وندم واستغفر فقد ينجو من تبعات وعقوبات شارب الخمر أما الكذاب فلا بد له فضلاً عن التوبة والندامة والاستغفار أن يخرج من عهدة كل المفاسد التي سببها بكذبه والتي ألحق بها الضرر بالناس...
سادساً: أما الكذّاب فإنه إذا تاب فشهادته محل إشكال لأن اعتياده على الكذب يمنع من حصول الوثوق والاطمئنان بصدقه لدى الحاكم...
[إلى غيرها من الفوارق التي لا مجال لإيرادها كلها هنا].
المقام الثالث: الكذب على الله ورسوله (ص)
قد بيّن الله تبارك وتعالى، في مواضع عديدة من القرآن حال جماعة الكاذبين على الله ورسوله ونذكر بعضها:
«فمن افترى على الله الكذب من بعد ذلك فأولئك هم الظالمون» [آل عمران:194].
«فمن أظلم ممن افترى الله على كذباً» [الأعراف: 37].
وروى الشيخ الكليني في الكافي عن الإمام الصادق (ع) أنه قال:
«الكذب على الله وعلى رسوله (ص) من الكبائر».
وروى الشيخ الصدوق في" من لا يحضره الفقيه" عن رسول الله (ص) أنه قال في وصاياه لأمير المؤمنين (ع):
«يا علي من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار».
المقام الرابع: في أقسام الكذب وأحكامها
ـ أقسام الكذب: الكذب تارة يكون على الله وعلى خاتم الأنبياء (ص) والأئمة الأطهار (ع) وأخرى على غيرهم وثالثة ليس على أحد بأن لا يكون فيه افتراءٌ على أحد وإنما هو مجرد قول خلاف الواقع.
ـ أحكام أقسام الكذب: الكذب على الله ورسوله (ص) والأئمة (ع) من المعاصي العظيمة والكبائر الموبقة عند جميع المسلمين ويُعدُّ ذلك من ضروريات الدين...
... وأما الكذب على غيرهم والكذب غير المتعلق بأحد فلا شبهة في كونهما من المعاصي بل عدّ بعضهم ذلك من الضروريات...
المقام الخامس: الصدق في نقل الأخبار
لا يخفى أن الصدق الحقيقي الواقعي هو أعلى مراتب الإنسانية وأشرف الكمالات النفسانية التي يصدق عليها حقيقة أنها من المعارف وأصول الدين والمذهب... وتكليف الناقل أن ينقل عن ثقة أي شخص يطمئن إلى نقله وهذا لا يكون إلاّ إذا كان ذلك الشخص متحرزاً عن الكذب معتاد الصدق حتى صار عنده ملكة وعادةً وصار معروفاً عند من يعرفه أو يعاشره بالصدق، وأن لا يكون كثير النسيان بأن يزيد سهوه ونسيانه عن المتعارف. وبالجملة لا بد أن يكون عارفاً بصيراً بما ينقله، فإذا كان جامعاً لهذه الصفات يُطمئن بنقله فإن مدار نظام أمور العقلاء في كل العصور والقرون على إخبارات هكذا أشخاص دون ملاحظة مذهبه: ما هو؟ وهل هو على حق أو على باطل؟ ولا فرق في نقله في هذا المقام بين أن يكون باللسان أو في الكتاب والدفتر. ولو نقل عن غير ثقة لعُدّ كاذباً أيضاً.
تنبيه أول: ما يتناسب مع فرضنا هنا تنبيه قارئ العزاء البصير المتّقي أنه إذا رأى حكاية في كتاب أحد العلماء فإنه وإن لم يكن هناك محذورٌ في نقلها إلا أنه لا بد من التأمل فيها والالتفات بل الفحص للتأكد من أنه لم يروِ علماء آخرون رواية على خلافها على نحو يحصل بينهما التعارض فيكون اللازم حينئذ تأويلها.
وعليه في هذا المقام أن يفعل ما يلي:
أولاً: أن يذكر مستند الرواية دون أن يجزم بمضمونها فلا يقول إن الإمام قال كذا أو فعل كذا...
ثانياً: أن يذكر مخالفة الآخرين لها فلا يغُرُّ آذان السامعين بها خصوصاً إذا كان صاحب ذلك الكتاب من كبار علمائنا.
تنبيه ثانٍ: لا يجوز للناقل المتدين، بمجرد رؤية خبر أو حكاية في كتاب منسوب إلى عالم من العلماء، أن يقتنع به ويأخذ عنه فكيف إذا كان قد ألفّ هذا الكتاب في أوائل عمره ولم يكن قد وصل بعد إلى مقام تمييز الصحيح عن القيم والثقة عن غير الثقة...
(...) والحاصل من كل هذه الكلمات، أن قارئ العزاء الذي يرغب في السير على النهج الصحيح، والذي هو مستعدٌ لتحرّي الدقة والإتقان، إن كان لا يرى في نفسه القدرة الكافية على التمييز بين الكتب المعتبرة التي ألّفها من لم يصل إلى المستوى العلمي المطلوب ولو كان من الثقات وأصحاب الخبرة والكتب غير المعتبرة ولو كان مؤلفها عالماً وتقيّاً، فما عليه إلا أن يبحث عن أساتذة هذا الفن ويلتزم بكل ما يقولونه دون أن يتجاوزهم في شيء وإلا فإنه سيقع في حبائل الشيطان فيأخذه لمعان وبريق المزخرفات المبثوثة في هذا الكتاب أو في ذاك فينقلها على نحو الجزم، وحينئذٍ عليه أن يكون مستعداً لتحمُّل مسؤولية كل ما يترتب على ذلك النقل من مفاسد كما مر.
في «كرمنشاه» جاء شخص إلى العالم الكامل، والجامع الفريد، السيد محمد علي صاحب المقامع وغيره من المؤلفات قدّس الله روحه فقال له: رأيت في منامي كأنني أنهش بأسناني سيد الشهداء (ع). ولم يكن السيد يعرفه من قبل، فأطرق برأسه ملياً ثم سأله: لعلك قارئ عزاء؟، قال: «نعم». فقال له: «إما أن تترك ذلك أو تأخذ من الكتب المعتبرة».
تنبيه ثالث: [في هذا التنبيه يتحدث العلاّمة النوري عن بني إسرائيل وكيف حرّفوا الأحكام التي أنزلها الله، سبحانه وتعالى، على النبي موسى (ع). ثم يقارن بينها وبين ما حصل في السيرة الحسينية المقدسة فيقول:]
وعلى كل حال فلا يخفى على الإخوة المؤمنين أنه وبملاحظة الأخبار المتواترة بين المسلمين من أن رسول الله (ص) قال: «سيجري على هذه الأمة كل ما يجري في الأمم السابقة».
وبملاحظة ما جاء عن أهل البيت (ع) من الإشارة إلى بعض تلك الوقائع، وبملاحظة ما طبقه علماؤنا الأعلام بفكرهم الثاقب من الوقائع والقصص الحاصلة في أمّتنا على تلك التي حصلت في الأمم السابقة خصوصاً في أمّة بين إسرائيل لا بد أن يكون في أمّتنا نظير لهذه القصة المتقدم ذكرها. ولم أرَ أحداً أشار إليها إلى حدود عصرنا هذا إلا أن جماعة قراء العزاء فتحوا عيوننا وبيّضوا وجوهنا وأكّدوا لنا صدق الأخبار النبوية الواردة في هذا المقام وبيّنوا لنا بأقوالهم وأفعالهم ما هو نظير تلك الواقعة في أمّتنا هذه. وتوضيح هذا الإجمال أن هناك رواياتٍ عديدة في هذا الباب وبلسان عربي فصيح وتمتلك من أسباب صحة السند وقوّة المتن أحسنها وهي دائرةّ على ألسنة الكثيرين من هذه الجماعة التي فيها من يتمتع بفصاحة وبلاغة عاليتين ويتلونها بكل طمأنينة من فوق أعواد المنابر وربما ذكروا لها راوياً معنياً ليضفوا بها على تلك المجالس والمآتم رونقاً خاصاً نضراً يشجون به القلوب ويبكون العيون فتعلو الآهات من هنا وهناك. وقد عمدت جماعات من أهل الاطلاع والخبرة وأرباب العلم والبصيرة عبر السنين المتطاولة الماضية، وعلى حسب ما لديهم من قوة وهمّة إلى السعي لإيجاد مآخذ ومستندات لتلك الأخبار وللعثور على الكتاب التي صدرت عنه تلك الطائفة من الروايات فلم يجدوا لها عيناً ولا أثراً. وليس هناك ما يشير إليها في كتب أساتذة فن الحديث والرواية ولا لدى أرباب الكتب الكثيرة التي لا حد لها ولا حصر في كل العصور الماضية بل لم يجدوها حتى في كتب الجماعة التي عرفت بالتسامح في نقل الأخبار الضعيفة في أمثال هذا المقام. وعندما تكرر السؤال كثيراً عن مآخذ تلك الروايات كانوا تارة يحيلون على كتب بعض العلماء الذين عرفوا بالتسامح في هذا المقام مثل السيد الجزائري وأمثاله. ولكن بعدما صُرف العمر وتُحملت المشاق الكثيرة في البحث عن ذلك الكتاب المحال عليه تبيّن أن تلك الحوالة كانت جوفاء ولا واقع لها.
وتارة أخرى يحيلون على كتاب ليس له ذكر أصلاً بين أهل هذا الفن وثالثة على مقتل عالم جليل لم يُذكر بين مؤلفاته «مقتل» على الإطلاق. ورابعة على بلاد البحرين والقطيف حيث طريق الفحص والبحث مسدود. وبهذا النمط من الأعذار يتهربون من البوح بالحقيقة ويخفون ذلك السر على الآخرين. وبما أن جملة من هذه الجماعة هم من العلماء المعتبرين الذين يعرف عنهم التحرّز عن قول الكذب عمداً فليس أمامنا من باب حمل عملهم على الصحة بمقتضى الأخوة الإسلامية إلا أن نجرَّ حكم «مسنا» بني إسرائيل إلى هنا ونقول: إن هذه الروايات قد وصلت إلينا عبر سلسلة هذه الجماعة يداً بيد ومن صدرٍ إلى صدر. وقد بُدأ بجمع تلك الروايات شيئاً فشيئاً بدءً من العصور القريبة من عصرنا هذا.
وقد تجد في بعض الكتب من يعبّر عن مستند رواياته بقوله: «وجدت في مجموعة والدي المرحوم...» أو في «سفينة الأستاذ المغفور له» أو «في مقتل الفاضل الفلاني» بل ربما يختلقون أسماً جديداً من رأس. وربما يبدلون في ترتيب الأسماء بما يوحي أن الرواة هنا غير الرواة هناك مما يعطي الخبر قوة لتعدد مصادره فلو أننا جمعنا تلك الروايات لصارت «مسنا» هذه الأمة إلا أن «مسنا» اليهود كتاب معين معروف وقد وضع له تفسيران يحفظانه عن الزيادة والنقيصة بينما «مسنا» هذه الأمة يمتلك قوة نباتية قوية إذ بمجرد انتقاله من جيل إلى جيل آخر ينمو فوراً وتحل فيه البركة ويفرّخ غصوناً جديدة ويُخرج أوراقاً طريّة نضرة وإلى أن يصل مسيره إلى المنبر ويحين موسم نقله تظهر فيه القوة الحيوانية فينبت له ريش وجناح كطير الخيال فيطير بلمحة واحدة إلى الجهات المختلفة.
تنبيه رابع: في ذكر بعض الشبهات التي حملت هذه الجماعة بل بعض أرباب التأليف على نقل الأخبار والحكايات التي لا أساس لها والروايات التي لا يحتمل صدقها أو التي يكون احتمال صدقها في غاية الضعف، وعلى افتراء الكذب وجعل الأخبار ووضعها واختلاق الحكايات المتضمنة للمصائب التي لا واقع لها من أجل إبكاء المؤمنين وإضفاء الرونق على مجالس العزاء.
وعمدة تلك الأوهام:
الأول: ما نقل عن بعض مختلقي الكذب من الأخبار التي تمدح الإبكاء وترغب فيه وما وسطّر في هذا المجال مما يوحي بأن كل ما يحمل على البكاء وما هو وسيلة للتفجّع وإسالة الدموع ممدوح ومستحسن ولو كان كذباً وافتراءً (...)
الثاني: استقرار سيرة العلماء وديدنهم على نقل الأخبار الضعيفة في مؤلفاتهم وضبط الروايات غير الصحيحة في أبواب الفضائل والمصائب وتسامحهم في هذه المقامات.
الخاتمة
في ذم الاستماع للأخبار الكاذبة والحكايات والقصص الباطلة وبيان تكليف سامعي العزاء في استماعهم لكلام هذا الصنف من القرّاء المتجرئين على الله واللامبالين بما يقولون.
يقول الله تعالى في ذم اليهود بل المنافقين وبيان صفاتهم الخبيثة وأفعالهم القبيحة: ﴿سمّاعون للكذب سمّاعون لقوم آخرين﴾ [المائدة: 41]، وبعد آية يعود للتأكيد قائلاً: ﴿سمّاعون للكذب أكّالون للسحت﴾ [المائدة:42].
وفي هاتين الآيتين تهديد على استماع الكذب سواءً كان بهدف نقلها أو لم يكن وسواء كان على وجه القبول والتصديق بها أو لم يكن (...).
(...) ولا يخفى أن ما ذكرناه في هذه الخاتمة من بيان حكم استماع الكذب إنما هو لعامة الناس الذين لا يترتب على فعلهم مفسدة سوى ما يعود عليهم من ضرر أُخروي، أما عباد الله الصالحون الذين هم أدلاء الركب على الله عزّ اسمه والذين يجب عليهم أن ينصروا الله في أقوالهم وأفعالهم فيذكّرون عباد الله بالحلال والحرام وبالطاعة والعصيان فإن استماعهم للكذب الصادر عن قراء العزاء في مجالسهم، والذي لا حصر له خصوصاً في ما يتعلق بسيرة وأقوال الأئمة الطاهرين (ع) يترتب عليه مفاسد أخرى منها دخول هؤلاء المستمعين العلماء في زمرة الكاذبين فيكونون بذلك مبتلين بكلا النوعين: الكذب والاستماع إليه لما بيّناه من أن الكذب في اللغة من صفات اللفظ والكلام. أما في الشرع فيعم بُحكمه كل الأفعال الصادرة عن الجوارح غير اللسان كاليد والعين والرأس والرجل وهكذا في السكوت والتقرير على ما مرَّ بيانه وأمثلته. وهذا المقام من ذلك القسم لأنه حينما يستمع العالم المطاع والمسموع القول إلى قارئ عزاء ينقل خبراً كاذباً وينسبه إلى الإمام بهتاناً فلا ينهاه عن ذلك مع تمكّنه من النهي وعدم احتمال لحوق الضرر به ويسكت ولا يردعه ولا يغير عليه بشيء وهذا أدنى مراتب النهي عن المنكر، فإن قارئ العزاء يفهم من ذلك أن ما يقوله ليس كذباً في نظر هذا العالم بل يعد سكوته إمضاءً لذلك النقل وكأنه صرح بذلك بلسانه فيتمسك بهذا السكوت ليجعله دليلاً على صدق الخبر وصحّته فيواجه به كل من ينكر عليه ذلك ويخذله ويحجه ويخجله وإلى ما هنالك من مفاسد. فإجمالاً سكوت المتمكنين يزيد من تجرأ هؤلاء ولا مبالاتهم ويقوي هذه الطائفة التي تسود بأكاذيبها العجيبة وبألحانها المطربة محاضر النور في المقامات المشرّفة والروضات المباركة خصوصاً حرم صاحب العزاء سيد الشهداء روحنا وأرواح العالمين له الفداء، في غالب الأوقات سيما في الأسحار الذي هو وقت البكاء والأنين والاستغفار فإنهم يُخرجون بكذبهم أفواج ملائكة الرحمة، ويحولون عباد الله عن حالة العبادة والإنابة والتضرع ليدخلوهم في زمرة الصادين عن سبيل الله ولا يمنعهم عن ذلك أحد.
وفوق كل هذا فإنهم يتعجبون من عدم استجابة الدعاء تحت تلك القبة السامية وهم لا يعلمون أنه لم يسلم من شرّهم قبةٌ ولا حرمٌ ولا ملائكة ولا فيضٌ قدسي بل إن لهوهم وتعصّبهم وتكسّبهم تارة رأس مال دنيوي وأخرى برأس مال ديني قد أسرى فسادهم إلى الآخرين حيث صاروا يفترشون بساط التسلية ويتبادلون القصص الطويلة الكاذبة في الصحن المقدس وينشغلون ثلاث ساعات بسرد الأكاذيب الواضحة المعلومة الفساد وقد اجتمع حولهم جماعة من الأوباش والأرذال، فلو أن هذا المحفل القذر الذي هو محل لعن وسخط الجبار المنتقم جل جلاله انعقد في الصحراء وبعيداً عن أعين الناس لوجب على المسلمين تفريقهم ومنعهم منه فكيف إذا كان في الصحن الشريف وعند قبور آلاف المؤمنين الأخيار بدل أن يعتبروا ويتّعظوا منهم ويدعوا لهم ويقرأوا لهم القرآن، وفوق معراج الملائكة ومحل ترددهم وانشغال مجاوريهم بالبكاء والأنين والصلاة والاستغفار للزائرين لا مثل أولئك الزوار الذين يشغلون أنفسهم بذلك المنكر القبيح أو يعينون عليه أو الذين يرون ذلك المنكر في محضر المجلس الإلهي فيتركونه دون أن يهتموا أو يلتفتوا إلى قبحه أصلاً فأين هؤلاء من التأثر والغم والشعور بالمسؤولية وأين هم من مقام الردع والنهي عن المنكر.
إن اللائق بحال أرباب العلم والوعي أن يعملوا على ترتيب مجالس عزاء جديدة لأبي عبد الله الحسين (ع) يرفعون بها أثر الصدمات التي لحقت بوجوده المبارك وبزائريه ومجاوريه وخدّامه وحاملي علومه والمتعبدين والناسكين والمأمومين وغيرهم... فتعقد المجالس على أنواعها وأقسامها في الليل والنهار وعلى أيدي أهل الدين والتقوى وأصحاب الغيرة والحمية فيقرأون المصائب ويبكون طالبين من الله تعالى تعجيل فرج وظهور السلطان ناشر العدل والأمان وباسط الفضل والإحسان وقامع الكفر والنفاق والعدوان.
اللهم عجّل فرجه وسهّل مخرجه وصلِ عليه وعلى آبائه الغرّ البررة.
تمّت هذه الرسالة الشريفة في يوم دحو الأرض الخامس والعشرين من ذي القعدة وهو يومٌ من أيام الله التي وعدنا فيها بالظهور من سنة 1319 هـ في يوم الجمعة.
* * *
*مقتبس عن كتاب «اللؤلؤ والمرجان في آداب أهل المنبر» للعلاّمة المحدّث الشيخ نوري الطبرسي، ترجمة فضيلة الشيخ إبراهيم بدوي، دار البلاغة، ط- 1، 1423هـ - 2003م، ونحن لن نتدخل في صياغة أيٍّ من الفقرات المقتبسة، ولكن عندما تدعو الحاجة إلى إيضاحٍ معّين فإننا سنضع عباراتنا بين علامتي [...].
** ولد المؤلف الميرزا حسين النوري في 18 شوّال 1254 هـ، في قرية من قرى نور في طبرستان، واليها نُسب فسمي «النوري»، وتوفي في 27 جمادي الثانية 1320 هـ. عُرف بسعة علمه وطول باعه، وله عشرات المؤلفات.
وقد أثنى عليه العلماء بما يليق بشأنه، ومنهم السيد محسن الأمين (قده) الذي أشار إليه في أعيان الشيعة بقوله: «كان عالماً فاضلاً محدّثاً متبحراً في علمي الحديث والرجال عارفاً بالسِّير والتواريخ... وكان وحيد عصره في الإحاطة والاطلاع على الأخبار والآثار والكتب» [أعيان الشيعة، ج:27، ص:139].
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://2wc2.yoo7.com/profile.forum?mode=editprofile
 
شروط المنبر الحسيني وآدابه
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الشيخ الوائلي: التجديد في حركة المنبر

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
(¯`·._.·( رحيق الايمـــان )·._.·´¯) :: ®¤*~ˆ° .¸¸۝❝القسم الاسلامي ❝۝¸ :: لخــدام المنابر الحسينية [ لطميات مكتوبه ـ مسموعه ]-
انتقل الى: