(¯`·._.·( رحيق الايمـــان )·._.·´¯)
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


عن الامام علي بن أبي طالب عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله سلم البخيل من ُذكرت عنده فلم يصل علي رواه الترمذي وقال : حديث حسن صحيح
 
الرئيسية~~ عالم مختلف ~أحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الإمام المهدي (عج) - الانتظار ومواجهة الهجمات على أمة الإسلام

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
جوهرة
عضومشارك
جوهرة


MMS : قلب بنت
انثى
عدد المساهمات : 162
تاريخ التسجيل : 03/09/2010
الموقع : منتدى قلب الايمان

الإمام المهدي (عج) - الانتظار ومواجهة الهجمات على أمة الإسلام Empty
مُساهمةموضوع: الإمام المهدي (عج) - الانتظار ومواجهة الهجمات على أمة الإسلام   الإمام المهدي (عج) - الانتظار ومواجهة الهجمات على أمة الإسلام Icon_minitimeالخميس نوفمبر 18, 2010 3:19 am

الانتظار ومواجهة الهجمات على أمة الإسلام
[size=16]
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين وأصحابه المنتجبين، وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.

دين الرحمة والحب

انطلقت الرسالة في حجم العالم {وما أرسلناك إلا رحمةً للعالمين} وانفتحت الرسالة في دعوتها لتؤكد القاعدة التي انطلق منها كل الرساليين الذين جاهدوا واستشهدوا حتى دخل الناس في دين الله أفواجاً، وكانت الإمامة امتداداً حركياً في الفكر والتخطيط والروح والانفتاح على المستقبل كله، كانت الإمامة امتداداً للرسالة، فكما كانت الرسالة في شخص الرسول(ص) عالمية تنفتح على الإنسان كله، كانت الإمامة عالمية تنفتح على الإنسان كله.

وهكذا قرأنا علياً(ع) في رسالته في عهده لمالك الأشتر(رض) عندما قال له: "فإن الناس صنفان، إما أخٌ لك في الدين، أو نظيرٌ لك في الخلق"، وفيها يحمله المسؤولية عن المسلمين كلهم من أجل أن يرتفع بهم في خط الإسلام، وعن الإنسان كله ليفتح عقله وقلبه وحركته على ما يهديه إلى الصراط المستقيم.

في الإسلام لا حقد على إنسان تختلف معه، ولكنك تبغض عمله ولا تبغض إنسانيته. إن الله يحب العبد ويبغض عمله وعندما نفرق بين الإنسان وبين عمله فنستغرق في إنسانيته لنستنفر كل عناصر إنسانيته من أجل أن تصحح انحراف عمله، يمكن لنا أن نفتح عقل الإنسان على الحق كله وعلى الخير كله، ولكننا من خلال عصور التخلف أنتجنا الحقد حتى أعطيناه صفة القداسة، فقلنا إنه الحقد المقدس، ولكن الإسلام يريدنا أن ننتج الحب، وقد جاء في حديث الإمام جعفر الصادق(ع): "وهل الدين إلا الحب"، عندما ينبض قلبك بالحب ينفتح عقلك ليفتح عقول الناس الذين يتلمسون حبك فيحبون فكرك، وقالها إمام الإنسانية علي(ع): "أحصد الشر من صدر غيرك بقلعه من صدرك"، فرّغ صدرك من كل شر تفتح كل صدور الآخرين على الخير فيما تفكر به من الخير، أن نتعلم الحب وأن تعرف كيف نحب وأن نعرف أن البغض يتجه إلى الخط ولا يتجه إلى الإنسان.

نحن قلنا مراراً، إننا لا نريد أن نقتل الكافر، ولكننا نريد أن نقتل كفره، ولا نريد أن نرجم الفاسق ولكننا نريد أن نرجم فسقه، فإذا لم نتمكن من رجم الكفر إلا بأن نرجمه رجمناه ليبتعد الكفر بذلك.

كانت الإمامة، أيها الأحبة، في حجم العالم، ولم تنطلق الإمامة لتستغرق الناس في شخص الإمام كعلاقة ذاتية، ولكنها قالت للناس إن الإمام يجسد الرسالة، هو القرآن الناطق، لذلك أحبوه وأخلصوا وارتبطوا به من خلال ما يتمثل فيه من تجسيد الرسالة حتى لا تفصلوا بين الإمام ورسالته، لتحبوا الإمام وتكرهوا الرسالة، لترتبطوا بالإمام وتنفصلوا عن الرسالة.
إن المسألة هي أن رسول الله(ص) كان رسالة تتجسد، وكان علي(ع) والصفوة الطيبة من أبنائه رسالة تتجسد، كانت المسألة عند علي(ع) كيف يقيم الحق الذي هو الإسلام كله، وكيف يدفع الباطل الذي هو الكفر كله، والظلم كله، والاستكبار كله.

الغيبة ترفع درجة المسؤولية

لهذا، أيها الأحبة، نحن في غيبة الإمام المهدي(عج) عنّا نعيش حضوره لأنه إذا غاب عنا بشخصه، لم يغب عنا برسالته، "وأما الحوادث الواقعة ـ قالها في أواخر كلماته التي أجاب بها على بعض الناس ـ فارجعوا فيها إلى رواة أحاديثنا فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله"، قال لهم ولنا، إن المسألة هي أنني وقد غبت عنكم فقد تركت لكم كل تراث آبائي، كل ما قالوه في العقيدة والشريعة وفي المنهج، وكل ما طبقوه في حياتهم، ارجعوا إلى تراث النبي(ص) والأئمة(ع) من آبائي، فهو النور الذي يضيء لكم الطريق عندما أغيب عنكم، لأن الأئمة(ع) كانوا يضيئون لكم الطريق من خلال قولهم، ومن خلال فعلهم، ولذلك فإنهم حاضرون في ذلك كله.

وفي ضوء ذلك نحن نعيش حضوره، لأنه ترك لنا كل خلاصة الأئمة من أهل البيت(ع)، ولذلك فإننا عندما نقرأ في الدعاء فإننا نقرأ في ظهوره ظهور الدين: "اللهم أظهِر به دينك وسنّة نبيك حتى لا يستخفي بشيء من الحق مخافة أحد من الخلق". إن المسألة هي أن يُظهر الله به الدين، ونستوحي من ذلك كله ـ أيها الأحبة ـ أن رسالته لنا هي أن نعمل على أساس أن نظهر هذا الدين للناس، أن نتحول إلى دعاة إلى طاعة الله في مثل حالة الطوارىء. أن لا ننتظر انتظار الناس الذين يعيشون الاسترخاء واللامبالاة واللغو في كلماتهم.

إننا نقرأ وسوف تقرأون دعاء الافتتاح في الشهر المبارك، "اللهم إننا نرغب إليك في دولة كريمة تعزّ بها الإسلام وأهله، وتذلّ بها النفاق وأهله، وتجعلنا فيها من الدعاة إلى طاعتك ـ اجعل من نفسك داعية إلى طاعة الله في ما تنمي به طاقاتك في عقلك وأن يعيش عقلك الإسلام كله، وفي قلبك أن ينفتح قلبك على الخير كله، وفي حركتك، أن تنطلق الحركة من أجل العدل كله والحق كله ـ والقادة إلى سبيلك ـ أن يبني كل واحد منكم نفسه من أجل أن يجعل من نفسه مشروع قائد في المسائل الثقافية والاجتماعية والسياسية والأمنية، أن تكون مشروع قائد، حتى إذا سقط القائد في المعركة في أية مرحلة من المراحل كان هناك ألف مشروع قائد يجعل المعركة تتحرك في خط القيادة، أن لا نقول لأية قيادة {اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون}، بل أن نقول كما قال عمار بن ياسر، لا كما قال قوم موسى لموسى، ولكن نقول اذهب أنت وربك فإننا معكما مقاتلون ـ وترزقنا بها كرامة الدنيا والآخرة".

أيها الأحبة، إن الإسلام في دعوته وفي حركته وفي شريعته لم يتجمد بغيبته، ولكنه ازداد حاجة إلى الحركة وإلى الدعوة، لأن المسألة هي أن الإمامة عندما تعيش الحضور الحسي فإن الناس يهرعون إليها ليسألوها عن كل ما أشكل عليهم، ولكن عندما تغيب الإمامة فإن على الأمة كلها أن تعمل على أساس أن تستنفر كل طاقاتها حتى لا يهجم الكفر والاستكبار كله على الإسلام كله.

لقد كان علي(ع) أمة يمثّل كل الإسلام، وكان عمرو بن عبد ود أمة يمثل كل الكفر، وانطلق الإسلام كله إلى الكفر كله وسقط الكفر كله بسيف الإسلام كله. قد لا يكون هناك علي في حجم السمو والعظمة والعصمة والقوة والإخلاص، قد لا يكون علي معنا، لكن لماذا لا تكون الأمة علياً ولو بنسبة الواحد إلى المائة؟ لماذا لا نهتدي به ونستضيء بنور علمه؟ وهل يبقى علي مجرد إنسان نتطلع إليه في التاريخ، أو أننا نعيش معه كلمته الخالدة: "ألا وأن إمامكم قد اكتفى من دنياه بطمريه ومن طعمه بقرصيه، ألا وإنكم لا تقدرون على ذلك، ولكن أعينوني بورعٍ واجتهاد وعفةٍ وسداد"، والورع عن كل معصية الله والاجتهاد في طاعة الله والعفة عن كل ما ينحرف عن خط الله، والسداد في الرأي، أن يكون عقلك عقلاً يرصد الواقع كله ويرصد الفكر كله، أن يكون عقلك عقلاً متحركاً عندما تنطلق كل العقول هنا وهناك، ليكون عقل الإسلام هو العقل الذي يصدم كل عقل يتحدى الإسلام.

ومع الأسف، الكثيرون منا يعطون العقل إجازة، كل شيء تستطيع أن تعطيه إجازة إلا العقل، قد تعطي جسدك إجازة لترتاح، قد تعطي عملك إجازة لتتخفف منه، ولكن يبقى العقل في حركة دائمة، لأنه هو حجة الله عليك، في الحديث: "إن العقل رسول من داخل، وإن الرسول عقلٌ من خارج"، هو الرسول الذي وضعه الله في كيانك من أجل أن يميز الحق من الباطل.

ولذلك ـ أيها الأحبة ـ نحن مسؤولون عن الإسلام كله، لا سيما عندما تنطلق التحديات في حجم العالم، كما هي المسألة الآن، ماذا هناك؟ هناك حرب على جميع المستويات، هناك الحرب الثقافية ضد الإسلام، فنحن نتابع كل هذه الهجمة الثقافية في أمريكا، وفي أوروبا، وفي سائر بلدان الغرب، في جامعاتها وفي نواديها وفي صحافتها وفي وسائل إعلامها المرئية والمسموعة، ونرى ذلك في كثير ممن يعيشون بيننا وقد أخذوا من الغرب هذه العقدة ضد الإسلام.

مواجهة حرب تشويه الإسلام

ماذا نسمع؟ قبل أيام انطلق قسّ ينتمي إلى المسيحية الصهيونية وهي المسيحية البروتستانتية التي ترى أن فلسطين هي ملك لليهود أعطاها الله لهم، وهم يؤيدون إسرائيل أكثر مما يؤيدها اليهود، لأنهم ينتظرون خروج السيد المسيح(ع) عندما تكتمل دولة إسرائيل، ولذلك فإنهم يعملون على إخراج كل الفلسطينيين من فلسطين لأنهم غاصبون لها، ينطلق هذا القس من فضائية عالمية ليتحدث عن النبي(ص) أنه قاتل، وأنه إرهابي، وأن هذا الإرهاب الذي يقوم به المسلمون في العالم، بما في ذلك أحداث 11أيلول إنما هذا هو من الإسلام، ومن خلال توجيهات النبي(ص).

ربما قام هذا الإنسان باعتذار، ولكن المسألة ليست مسألة أن يعتذر هذا الشخص أو لا يعتذر، إنما هي مسألة هذا الخط الفكري الذي يراد له أن يثقف الغربيين وغيرهم ليشوّه الصورة الإسلامية على أساس أن الإسلام دين عنف وقسوة وإرهاب وقتل ومصادرة للبشرية ليضعوا الحواجز أمام العالم ليمنعوهم عن الانفتاح على الإسلام، هذه المسألة تنطلق من خطة، لأن الدعوة إلى الإسلام استطاعت أن تقتحم أكثر من موقع في الغرب، وأصبح الغرب في كثير من نماذجه يدخل إلى الإسلام، ولكن المسألة هي أنهم شعروا أن الإسلام هو الدين الوحيد الحركي الذي ينفتح على الله وينفتح على الإنسان كله، وينفتح على الحياة كلها، وهو الدين الحركي الذي يقتحم على الإنسان بيته ومنطقته وحياته، ويحرك فيه مسؤوليته ليعتبره مسؤولاً عن كل ما تتسع له طاقته.

لذلك فإنهم يخافون من حركية الإسلام، هذه الحركية التي تعمل على التغيير، تغيير الواقع الفاسد إلى واقع صالح، هذه الحركية التي تجعل للمسلمين مسؤولية في أن يواجهوا الاستكبار كله بالقوة التي يواجهون فيها الكفر كله، لأن الاستكبار كفر مقنع حتى لو انطلق به المسلمون، هو الكفر الحركي الإنساني الذي يمثل كل قيم الكفر في مقابل قيم الإسلام التي هي قيم الإنسان.

هذه الحرب الثقافية كيف نستعد لها، وكيف نواجهها، هل نواجهها بكلمات الاستنكار والتكفير وإهدار دم هذا الإنسان أو ذاك، أو نواجهها بأن نستنفر كل حوزاتنا، كل جامعاتنا، كل نوادينا الثقافية لتنطلق في مواجهة هذه الحرب، لتقدم الإسلام كما أراده الله ديناً للرحمة، وديناً للرفق، وديناً للكلمة الأحسن، والأسلوب الأحسن، والدفع بالتي هي أحسن، الدين الذي يقول لك حوّل أعداءك إلى أصدقاء، {ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه وليٌ حميم}، حوّل أعداءك إلى أصدقاء بأسلوبك، بفكرك، بطريقتك. العنف في المسألة الاجتماعية الثقافية، يزيد العدو عداوة، وقد يفقدك صديقك.

لذلك هذا هو الإسلام، الإسلام الذي ينفتح على الحياة كلها {يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم}، الإسلام الذي يقول لك إن مسألة الإنسان هي مسألة العقل، فالله يثيب الإنسان على قدر عقله، ويعاقب الإنسان على قدر عقله، والله يعتبر العلم هو القيمة {قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون}، والله يريد من الناس ما داموا في الحياة أن يتقدموا في العلم {وقل ربي زدني علماً}.

لذلك كلما تعلمت أكثر كلما كانت مسؤوليتك أن تتقدم في العلم أكثر، لأن قضية أن تتقدم في العلم ليست مسألتك أنت، لكنها مسألة الأمة التي أنت جزء منها، لأن في كل واحد منّا فيما يملك من عقل، من علم، من خبرة، حق للأمة، لكل واحد منا شخصيتان، شخصية الفردية وشخصية كونه جزءاً من الكل، وعلى الجزء أن يعطي الكل ما يحتاجه في مرتبة جزئيته.
إن علينا ـ أيها الأحبة ـ أن نستنفر طاقاتنا في مواجهة هذه الحرب، أن ننطلق لنفكر بعقل منفتح على الحقيقة، عقل يحلّق، عقل ينتج، عقل يبدع، ونبعد عن كل عقولنا هذه الثقافة الخرافية، هذه الثقافة التي تنـزل الإنسان إلى مستوى الخرافة في العقيدة، وفي المنهج، وفي الواقع، حتى تصل إلى حد الغلو، هذه هي المسألة.

إننا نحارب الإسلام أكثر مما يحاربه الآخرون، لأننا نقدم إسلاماً مشوّهاً، إسلاماً فيه الكثير من الفكر المحنط الذي لا يلتقي بالحياة، ولذلك فإن المسؤولية على العلماء وعلى الخطباء، وعلى المثقفين أن يعرفوا أن كل كلمة يقولونها ربما تغير فكر إنسان، فإذا كانت الكلمة جهلاً وخرافة فمعنى ذلك أننا نخون الإنسان، لأننا نحاول أن نجعل فكره فكر جهل وخرافة.
هل تقدم لضيفك عندما تستضيفه طعاماً غير ناضج يؤدي إلى عسر في الهضم؟ إن تقديمك فكراً غير ناضج يؤدي إلى عسر في هضم العقل، ومرض عسر الهضم في العقل أخطر من عسر الهضم في المعدة.

إن هناك حرباً ثقافية ـ أيها الأحبة ـ ينبغي علينا أن لا نشغل أنفسنا بالهوامش، وأن نثير في كل يوم هامشاً هنا وهامشاً هناك لنشغل أنفسنا عما ينتظرنا من هنا. وهنا أود أن أنقل لكم قصة لابن المقفع في كتاب كليلة ودمنة، ويمكن أن تنطبق علىالواقع، ويقول فيها: "إن شخصاً وقع في بئر وكان في البئر شجرة، وتعلق بغصن من أغصان هذه الشجرة، وبعد أن استقرّ به المقام التفت إلى الأسفل فرأى تنيناً فارغاً فاه ينتظر أن يسقط هذا حتى يلتهمه، والتفت إلى يمينه فرأى جرذاً يقرض الغصن الذي تعلق به، وحانت منه التفاتة فرأى قفير نحل فوضع يده وذاق حلاوة هذا العسل فأعجبه فشغل نفسه بحلاوة العسل عن الجرذ الذي يقرض الغصن الذي تعلق به وعن التنين الذي ينتظر سقوطه حتى يلتهمه...

أليس هذا ما نواجهه، عسل العصبيات، عسل الطائفيات، عسل الحزبيات، عسل كل هذا التخلف الذي نعيشه، نشغل به أنفسنا عن هذا الجرذ الإسرائيلي الذي يقرض بلادنا، وعن هذا التنين الاستكباري الأمريكي الذي يريد أن يلتهم كل اقتصادنا وسياستنا وثقافتنا وأمننا وما إلى ذلك.

ونحن مشغولون على طريقة أهل القسطنطينية الذين كان الفاتح يدق باب بلدهم وهم يتنازعون هل البيضة أصل الدجاجة أم أن الدجاجة هي أصل البيضة؟ هل الملائكة ذكور أم إناث؟ أليست كل خلافاتنا التي نكفر فيها بعضنا البعض ونرجم فيها بعضنا البعض من هذا القبيل، وبعد ذلك تسألوننا لماذا ننهزم؟!

حرب أمريكا لإخضاع العالم

هناك حرب سياسية، وهذه الحرب السياسية يراد لها أن تسقط كل موقع في العالم الإسلامي وفي العالم المستضعف، كل موقع ينفتح على مسألة الحرية، وعلى مسألةالاستقلال، وعلى مسألة العدل، لأنهم يريدون أن يؤمنوا مصالحهم على حساب مصالحنا، البترول هو الشريان الحيوي الذي يمد كل الاقتصاد الغربي واليابان وغيرها بالحياة، والمطلوب أمريكياً السيطرة على كل بترول العالم، ولا سيما بترول الشرق الأوسط الذي يحوي أكبر احتياطي نفطي في العالم، وهي تفكر الآن بنفط العراق ومخزونه الاستراتيجي الذي يأتي نسبة احتياطي نقطه في المرتبة الثانية بعد السعودية.

المطلوب هو أن تسيطر أمريكا على بترول المنطقة، حتى أنها تفكر بالاستيلاء، ليس فقط على بترول الخليج في المستقبل، بل على البترول الإيراني، وبترول بحر قزوين، لأنها تريد أولاً أن تغني اقتصادها وأن تحافظ على توازن أسعار البترول لحسابها من جهة، ولتسعى بعد ذلك، من جهة أخرى، إلى الإمساك بخناق الاتحاد الأوروبي واليابان، عندما تمسك ببترول العالم بيد، وتمسك باقتصاد هذين الموقعين بيد أخرى.

إنها لا تعتبر أن البترول لنا إنما تعتبره ملك لها. إن أمريكا الآن في حربها على المستضعفين تشعل أفريقيا كلها بالحرب الحزبية والعشائرية والسياسية لتطرد فرنسا وحتى بريطانيا من كل أفريقيا، لأن أفريقيا هي القارة التي لم تخرج حتى الآن معادنها وثرواتها من باطن الأرض.

لذلك تعمل أمريكا من أجل السيطرة السياسية التي تقود إلى السيطرة الاقتصادية والأمنية والاستراتيجية، ونحن نتصور أن أمريكا صديقة الشعوب، أليس كذلك؟! إن المسألة هي أنهم يحاولون أن يشتتوا صفوفنا ويضغطوا على بلد هنا لينفتح عليهم، وبلد هناك حتى يوحوا بأنهم جاءوا كمنقذين، كما هو حال بريطانيا عندما استعمرت بلدنا فقالت إننا نأتي محررين لا محتلين، هذا المحتل لا يتذكر التاريخ، لأن هذه المسألة كانت في بدايات القرن الماضي، ويتحدث بوش بالأسلوب نفسه عندما يتحدث عن المسألة العراقية، حيث يقول: نحن محررين لا محتلين، ولكن ماذا حدث بعد أن جاءتنا بريطانيا محررة، لقد استعمرت كل المنطقة وصادرتها، والأمريكيون يصرحون الآن بأننا نخطط لاحتلال العراق على طريقة احتلال اليابان، وليس على طريقة احتلال أفغانستان، وإننا سننشىء حكومة عسكرية قائدها أمريكي، تحت عنوان بناء دولة تتمتع بالحرية والديمقراطية وما أشبه ذلك.

إن أمريكا تخوض في هذه المرحلة حرباً سياسية تستهدف إخضاع العالم لمجاراتها في الموافقة على الحرب العسكرية باسم إنقاذ العراق، وفي الوقت نفسه تمارس الضغوط على الخليج لأنه بدأ يتململ، وعلى إيران وعلى كل المنطقة العربية، في حين تعطي شارون الحرية في أن ينهي الانتفاضة.
وفي المقابل لا تحرك واشنطن ساكناً أمام المجازر التي يقوم بها شارون في فلسطين، ولا صوت يتصاعد إلا بالمطالبة بالتحقيق، والمعروف كيف تجري التحقيقات، بحيث يعتبرون أن الفلسطينيين إرهابيون وما إلى ذلك.
أيها الأحبة، إني أتكلم على مستوى الأمة، لأن الإمام المهدي(عج) يأتي على أساس أنه إمام الأمة ويأتي لإنقاذها كلها، لا يفرق بين موقع وآخر، ولا بين ظلم وآخر، يأتي ليملأ الأرض ـ لا الأمة فحسب ـ قسطاً وعدلاً ـ بالإسلام ـ كما ملئت ظلماً وجوراً ـ بالكفر ـ.
لذلك لا بد أن نفكر في القضية لا على مستوى التفكير في الزوايا، بل في الأفق الرحب، ويقول الشاعر:
من حلقت لحية جارٍ له فليسكب الماء على لحيته
وهذا ما دلّت عليه تجربتنا مع الاستكبار العالمي بأنه لا يريد بنا خيراً، ولذلك نجد أنه بعد سقوط الاتحاد السوفياتي قيل بعد اجتماع حلف الأطلسي، الذي كانت مهمته الوقوف في وجه الاتحاد السوفياتي الذي كان يمثل الخطر على الغرب، وعندما سقط الاتحاد السوفياتي، أصبح العدو هو الإسلام، وهذا ما صرّحت به رئيسة وزراء بريطانيا مارغريت تاتشر، لأن الإسلام هو الذي يحارب الاحتلال والسيطرة، هذا الإسلام الحركي، الثوري، الذي لا يطيق الظلم، ويريد أن يعيش الاكتفاء الذاتي، وأن تكون الأمة منتجة لا أن تكون مجرد مستهلك لما تنتجه مصانع الآخرين، وأكد هذه المسالة بعد ذلك أمين عام حلف الأطلسي، بأن العدو هو الإسلام، وبدأ التخطيط للنيل منه، وذلك عبر محاولات خلط الأوراق، وتدجين بعض المسؤولين في العالم الإسلامي.

إن دراستنا لكثير من هؤلاء المسؤولين، هي أنهم وظفوا من قبل المخابرات المركزية الأمريكية، ليكونوا ملوكاً ورؤساء، ورؤساء أحزاب ووزراء من أجل أن يحفظوا مصالح الغرب، وقد يأتون بشعارات وطنية وقومية إسلامية، ولكن خلفيات البعض كما قال أحد الشعراء في العراق، أيام الحكم الانكليزي:
المستشار هو الذي شرب الطلا فعلام يا هذا الوزير تعربـد

تجارب السياسة الأمريكية تمنع الثقة بوعودها

إننا أيها الأحبة، في هذه الأيام نستحضر الانتفاضة الشعبانية المجيدة في العراق والتي انطلق فيها الشعب العراقي بأطفاله ونسائه وشيوخه وكل فئاته باللحم العاري من دون أن يملك أي سلاح من أجل إسقاط الطاغية، ولكن من الذي دافع عن الطاغية؟! أنا سمعت من بعض القنوات السياسية التي لها اتصالات بالمواقع الغربية الأمريكية، قال عندما رأينا هذه الانتفاضة أعطينا النظام العراقي البنـزين للدبابات، وأعطيناهم السلاح، وقلنا لهم دافعوا عن وطنكم، وسقطت الانتفاضة من خلال الخطة الأمريكية، لأن أمريكا في حرب الكويت لم تضع في خطتها إسقاط النظام في العراق، وكانوا يصرحون بأننا نحن نريد أن نحرر الكويت، ولكن لا شغل لنا بإسقاط النظام في العراق.

لذلك سقط كل الشهداء وشرد كل الأحرار بفعل التدخل الأمريكي في إسقاط الانتفاضة، ولولا التدخل الأمريكي لانتصر الشعب العراقي آنذاك على الطاغية. عندما يكون لأمريكا هذا التاريخ فكيف تثقون بها "لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين".
لقد عانى الشعب العراقي كأقسى ما عاناه الشعب، فهو يعيش في حالة حصار في داخل بلده وحصار في الخارج، إنه يعيش الحصار من خلال ظلم الطاغية، ومن خلال الحصار الاقتصادي الذي تعرف أمريكا ويعرف مجلس الأمن أن هذا الحصار لا يضر الطاغية ولا يسقطه، ولكنه يضر الأطفال والنساء والشيوخ.

العراق هو من أغنى البلدان في المنطقة، ولكنه أصبح أكثر البلدان فقراً، لأنه يعيش بين المطرقة والسندان، بين نظامه في الداخل وبين السياسة الاستكبارية التي تضغط عليه في الخارج، هذا العراق الذي كان شبابه ينتجون العلم والفكر والحركة، أصبح مشرداً في كل أصقاع الأرض، وأصبح يغرق في البحار الهائجة هرباً من نظامه.

النظام في هذا اليوم أصدر عفواً، لكن ما هو الأساس للثقة بهذا النظام؟! النظام يريد أن يجمع كل العراقيين في السجن الكبير ولكن ماذا عندما يرتاح وضعه السياسي؟! هذا عفو للاستهلاك الدولي ومن أجل إيجاد نوع من الديمقراطية، ولكن نحن نعرف ديمقراطية المئة بالمئة. وهذا ما يصوّره بيت شعر يتحدث فيه صاحبه عن الذئب:
ينام بإحدى مقلتيه ويتقي بأخرى المنايا
للأسف ننام بالوعود والأحلام الخيالية، فقد يعجب أحدنا الأحلام، بحيث يفكر أن تحل مشكلته كيفما كان، ولكن الصحيح هو أن نبقى في حالة يقظة دائمة.

إن علينا أيها الأحبة في ذكرى الانتفاضة الشعبية أن ننتج انتفاضة شعبية، وإنني أدعو كل أخوتنا في المعارضة العراقية، سواء كانت معارضة إسلامية أو علمانية أو شعبية، لا انتمائية بالمعنى الحزبي للانتماء، أن ينتجوا انتفاضة جديدة. لن تحصل هناك انتفاضة تحت المظلة الأمريكية، لأن أمريكا تريد مصالحها.

لذلك لنفتح عيوننا على الواقع. إنّ في مجلس الأمن الآن مداولات بين أمريكا وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين، كيف يقتسمون تركة العراق. وعادة ما تقتسم التركة بعد الموت. ولذلك نحن لا نزال أحياء، ويجب أن نثبت أننا أحياء، أحياء بالوعي، بالقوة، بالتخطيط، لأنه ما ضاع حق وراءه مطالب.

عندما ندرس الانتفاضة الشعبانية، ندرس نقاط الضعف لنتجاوزها، وندرس نقاط القوة حتى نقوي نقاط الضعف ونحصنها، وليس معنى أن نفشل في تجربة أن كلها تشتمل على الفشل، لندرس تجاربنا، ولنحاول أن نخطط لتجارب جديدة، والشعب الذي يملك مثل هذا الصبر القاسي، مثل هذه الإرادة القوية التي تجعله لا يعطي بيده إعطاء الذليل للطاغية ولا يقر إقرار العبيد. هذا الشعب يستطيع أن ينتصر، وأن يصل إلى نهاياته السعيدة.

بخط الأئمة نهتدي ونقتدي

أيها الأحبة، في ذكراه علينا أن ننتظره ونحن في الطريق إلى الحرية، إلى العدالة، لنرد التحدي بتحدٍ مثله، أن ننطلق، لا فرقاً متناثرة هنا وهناك، ولكن أن ننطلق كأمة تواجه كل الأمم المستكبرة التي تريد أن تسقطنا ونحن نشاهد فلسطين الشهيدة الجريحة، كيف يصمد شعبها، بأطفاله ونسائه وشيوخه وشبابها أمام الجوع والحصار والتدمير، وتجريف المزارع، وما إلى ذلك!!!
إنهم المثل والنموذج وعلينا أن ندرس تجربتهم، وأن ندرس تجاربنا. والإمام علي(ع) يقول: "خير ما جرّبت ما وعظك".
اللهمّ أرنا الطلعة الرشيدة والغرّة الحميدة واجعلنا من أتباعه وأشياعه والمستشهدين بين يديه، واجعلنا من السائرين في خط الولاية من خلال أب الولاية أمير المؤمنين سلام الله عليه الذي نصّبه رسول الله ولياً على المؤمنين بأمر من الله، وأن ننطلق مع كل الأئمة(ع)، فهم حجج الله على خلقه وأمناء الله في أرض، بهم نهتدي وبهم نقتدي، سوف نلتقي بخاتمهم إن آجلاً أو عاجلاً، إنهم يرونه بعيداً ونراه قريباً، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
محاضرة لسماحة العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله في الشام 14 شعبان 1423هـالموافق 21-10-2002م
[/size]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الإمام المهدي (عج) - الانتظار ومواجهة الهجمات على أمة الإسلام
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
(¯`·._.·( رحيق الايمـــان )·._.·´¯) :: ®¤*~ˆ° .¸¸۝❝القسم الاسلامي ❝۝¸ :: الملتقي الاسلامــــــي~ صرح ينبض بالسلام-
انتقل الى: